معركة كورسك
كما أسلفنا فبحلول يوم ال10 من يوليو كانت القوات السوفيتية قد نجحت تماما في إيقاف أي تقدم للجنرال (موديل) من الشمال و أدرك (موديل) أن الوصول لكورسك يتطلب قوات يبلغ عددها ضعف القوات الموجودة تحت أمرته علي الأقل لذا أوقف الهجوم و إكتفي بالكيلومترات القليلة التي حققها..
و لكن كما تعلمون فالقوة الألمانية الحقيقية لم تكن في الشمال ... بل كانت في الجنوب تحت أمرة الفيلد مارشال (فون مانشتاين) و الجنرال (هوث) قائد جيش البانزر الرابع و الذي إمتلك معظم دبابات التايجر1 و البانزر مارك 5 الجديدة و الجنرال العبقري (فيرنر كيمبف) قائد الجيش الميداني الذي حمل اسمه (كيمبف)..
و عكس القوات الشمالية النازية التي تلقت الضربة الأولي في فجر 5 يوليو من القوات السوفيتية .... كان الجنرال (هوث) سباقا و بدأ هجومه مبكرا عن الخطة الموضوعة .... بدأه من السماء ظهر الرابع من يوليو حينما بدأت طائرات الستوكا (المعدلة بمدفعين 37مم خصيصا للمعركة) هجومها علي القوات السوفيتية المرابطة و مع القصف من الجو بدأ القصف المدفعي الكثيف و تحت غطاء هذا القصف تقدم جيش البانزر الرابع بدبابات التايجر1 الثقيلة في المقدمة و علي الأجناب دبابات البانزر مارك 5 و في الخلف دبابات البانزر مارك4 و مارك 3 ..... و كانت المفاجأة ثقيلة للروس .... فكل معلوماتهم الإستخبارية كانت تقول أن القوات الرئيسية للفيرماخت مرابضة في الشمال عند (أوريل) و ليس في الجنوب .....
و لكن كما تعلمون فالقوة الألمانية الحقيقية لم تكن في الشمال ... بل كانت في الجنوب تحت أمرة الفيلد مارشال (فون مانشتاين) و الجنرال (هوث) قائد جيش البانزر الرابع و الذي إمتلك معظم دبابات التايجر1 و البانزر مارك 5 الجديدة و الجنرال العبقري (فيرنر كيمبف) قائد الجيش الميداني الذي حمل اسمه (كيمبف)..
و عكس القوات الشمالية النازية التي تلقت الضربة الأولي في فجر 5 يوليو من القوات السوفيتية .... كان الجنرال (هوث) سباقا و بدأ هجومه مبكرا عن الخطة الموضوعة .... بدأه من السماء ظهر الرابع من يوليو حينما بدأت طائرات الستوكا (المعدلة بمدفعين 37مم خصيصا للمعركة) هجومها علي القوات السوفيتية المرابطة و مع القصف من الجو بدأ القصف المدفعي الكثيف و تحت غطاء هذا القصف تقدم جيش البانزر الرابع بدبابات التايجر1 الثقيلة في المقدمة و علي الأجناب دبابات البانزر مارك 5 و في الخلف دبابات البانزر مارك4 و مارك 3 ..... و كانت المفاجأة ثقيلة للروس .... فكل معلوماتهم الإستخبارية كانت تقول أن القوات الرئيسية للفيرماخت مرابضة في الشمال عند (أوريل) و ليس في الجنوب .....
و بحلول فجر 5 يوليو كان الفيرماخت قد إستطاع تكبيد الجيش السادس السوفيتي خسائر فادحة و دفعه للخلف 3 كيلومترات و السيطرة علي بعض المرتفعات الإستراتيجية .... و رغم الإنتصارات الساحقة التي حققها الفيرماخت في أول يومين إلا أن التقدم كان بطيئا جدا بسبب حقول الألغام السوفيتية الرهيبة و التي تسببت في الكثير من الخسائر في الأفراد و المعدات الألمانية أثناء القيام بعمليات التطهير و الإزالة..
و قام الجنرال (هوث) بعمل حركة بارعة حيث غير من مسار قواته و دفعها للإتجاه يسارا قليلا و فعلا هذا دون أن يخبر أيا من قادته لذا لم يتمكن العميل (لوسي) من معرفة خطوط السير الألمانية مما دفع السوفيت للخلف أكثر و فقدوا مدينتين صغيرتين و هما (بوستوفو) و (جيرتوفسكا)..
كانت المفاجأة عنيفة علي السوفيت مما دفعهم لشن هجوم جوي كبير علي المواقع الألمانية يوم 6 يوليو بطائرات الإليوشين 2 و الياك 5 و محاولة دفع الألمان للخلف و لكن طياري اللوفتفا كانوا لهم بالمرصاد و بعد معارك جوية عنيفة و بحلول المساء كانت مقاتلات البي إف-109 التابعة للجيش الجوي الرابع إستطاعت السيطرة علي سماء المعركة تماما..
و مع إنتهاء الخطر الجوي السوفيتي و مع الخسائر المتلاحقة في صفوف الجيش السادس السوفيتي و هبوط معنوياتهم إستطاعت بعض فرق البانزر إختراق الخطوط الدفاعية السوفيتية لما يزيد علي 25كم (أي أكثر من ضعف المسافة التي قطعتها قوات موديل في 8 أيام)..
كانت الدفاعات السوفيتية الرئيسية هناك تتمركز قبالة مدينة (أوبويان) و مكونة من الجيش الأول و الجيش الأربعين و فلول الجيش السادس .... و وجد الجنرال (هوث) أنه لن يستطيع مواجهة ثلاثة جيوش ميدانية بأي حال من الأحوال لذا لجأ للإلتفاف يمينا عابرا نهر (سيل) و المرور بجوار مدينة (بروكورفكا) الغير محصنة جيدا..
و مع الخسائر المتلاحقة إضطر السوفيت إلي الإستعانة بقوات الإحتياط (او النسق الثاني علي رأي عمنا الجنرال سعد الدين الشاذلي الله يرحمه) و هي قوات الجيش الخامس السوفيتي تحت قيادة الجنرال (فاتوتين) و التي تحركت للأمام و تمركزت حول (بروكورفكا) .... المدينة التي يظن (هوث) أنها غير محصنة جيدا..
و الان تبدأ المعارك الحقيقية فكل ما فات كان مجرد لعب أطفال مقارنة بما هو قادم فجيش (هوث) و جيش (كيمبف) سيتقدمان بشجاعة وسط 8 جيوش ميدانية سوفيتية و ستدور معارك الدبابات الأكبر و الأشهر في التاريخ..
فجيش (كيمبف) سيتقدم بجوار (هوث) ثم ينفصل جيش (كيمبف) باتجاه (بروكورفكا) في حين يعبر (هوث) نهر (سيل) محاولا الإلتفاف حول مدينة (أوبويان)..
و رغم صعوبة المهمة إستطاعت قوات (كيمبف) تحقيق تقدم ملموسا داخل المناطق الملبدة بالسوفيت و لكنها واجهت مقاومة ضارية أخرتها 3 ايام كاملة عن الوصول لبروبورفكا .... 3 ايام كانت كفيلة بإنتهاء المعركة علي النحو الذي سنبينه..
فبحلول فجر 11 يوليو كانت أجزاء كبيرة من قوات (هوث) بالقرب من (بروبورفكا) حيث إمتلك (هوث) حوالي 300 دبابة جاهزين في أرض المعركة و حوالي 230 أخرين غربا علي بعد بضعة كيلومترات و كان يظن أنه قد كبد السوفيت الكثير من الخسائر في الطريق و ظن أن النصر و حتي إحتلال (بروبورفكا) دون وصول (كيمبف) قد اصبح وشيكا .... و لكنهم لم يعلموا ان الروس قد حشدوا أكثر من 850 دبابة تي-34 في وجههم و أصبح التاريخ قاب قوسين أو أدني من مشاهدة أكبر معركة للدبابات..
ففي فجر 12 يوليو 1943م دارت المعارك الرهيبة علي مشارف (بروبورفكا) و كالعادة جاءت طائرات الستوكا كي تلقي التحية أولا علي الدبابات السوفيتية .... ثم المدفعية كالعادة ..... ثم إلتقي الجيشان..
و إلتقت التايجر و البانزر بالتي-34 .... و سكتت المدفعية و تراجع الطيران من الجانبين .... فالمسافات بين الدبابات تكاد تكون أمتار قليلة و اي قصف من اي جهة سيصيب الطرفين يقينا ..
طبعا علي الورق فالمواجهة بين 300 دبابة بانزر و تايجر و 850 دبابة تي-34 تكاد تكون محسومة لصالح التايجر و البانزر بطبيعة الحال .... فكما نعلم مدفع التي-34 لا يستطيع خرق درع التايجر و التايجر و البانزر تستطيع إصابة التي-34 من علي بعد 2000م و لكن كانت المفاجأة..
فمن قال أن مدفع التي-34 لا يستطيع خرق درع التايجر1 ..... بل يستطيع خرقه طبعا من المسافات القريبة التي تدور فيها المعركة حاليا ... كما أن المدي البعيد لمدفع التايجر لا معني له الان فالقتال يدور في مسافات لا تتعد عشرات الأمتار..
كما أن السوفيت إستعملوا تكتيكا جديدا بسبب تفوقهم العددي ... كانت دبابات التي-34 تهرع بسرعة بإتجاه البنازر و التايجر و تصدمها محطمة الدبابتين .... و لكن السوفيت لديهم مخزون إستراتيجي كبير من الدبابات لا يمتلكه الألمان .... و رغم الخسائر المهولة التي تلقتها القوات السوفيتية إلا أن كل دبابة تتدمر يظهر مكانها 2 ..... و إنتظر (هوث) ظهور (كيمبف) و قواته علي أحر من الجمر و لكنها لم تظهر سوي بعد 3 ايام كما قلنا..
و بنهاية يوم 12 يوليو كان السوفيت قد فقدوا 400 دبابة تي-34 .... و رغم أن الأمر يبدو كما لو كان إنتصارا واضحا للجانب الألماني و لكن كما حدث في الجبهة الشمالية .... يحدث الان في الجبهة الجنوبية ... فرغم أن الألمان قاموا بتكبيد الجيش الأحمر خسائر فادحة إلا أن الجيش الأحمر حجمه كبير جدا و لن يستطيع الفيرماخت الصمود بهذه الطريقة طويلا .... و لأول مرة في تاريخ (هتلر) و الذي كان يتابع العمليات عن كثب بالطبع ... يتابعها و نهاية 90ألف جندي وضابط و الجيش السادس الألماني كله علي أبواب (ستالينجراد) ماثلة أمام عينيه ..... لن يستطيع أن يكمل العملية (زيتاديل) بأي حال من الأحوال ... فيأمر (هتلر) قواته بإيقاف الهجوم و يقف (فون مانشتاين) مذهولا فهو يشعر أن الفيرماخت قام بتكبيد السوفيت خسائر مهولة و هو يري أن الجيش الأحمر بدأ يتفكك و النصر الذي كان يظنه مستحيلا قبل بدء العملية أصبح يراه ممكنا الان .... و لكن الأمور لم تكن حربية فقط ... فلقد كانت هناك عوامل أخري ساعدت (هتلر) علي أتخاذ قرار إيقاف الهجوم .... فهبوط الحلفاء في (صقلية) بدء الهجوم من إيطاليا كان يحتم عليه سحب بعض قواته من الجبهة الشرقية كي تصد هجوم الحلفاء الجديد..
و إنتظر السوفيت إستئناف القتال يوم 13 يوليو و لكن لم يحدث أبدا حيث بدأ الجيش النازي في الإنسحاب .... إنسحب رغم أنه إستطاع تكبيد السوفيت خسائر فادحة بلغت أكثر من 250ألف جندي قتيل و 600ألف مصاب .... 6000 دبابة و حوالي 1500 طائرة و لكن علي الجهة الأخري لم تكن خسائر الفيرماخت هينة ... فلقد بلغت 198 الف جندي و 760 دبابة و حوالي 600 طائرة..
و منذ هذه اللحظة لن يحارب هتلر كما يريد (حيث كان يتحاشي دائما أن تتواجد قواته منقسمة بين جبهتين) ... فسيضطر لصد الروس شرقا و صد الحلفاء جنوبا في إيطاليا في نفس الوقت .... ثم سيضطر لصد الروس شرقا و الحلفاء جنوبا و غربا بعد سنة واحدة..
و في يوم 13 يوليو 1943م بدأ السوفيت في الهجوم المضاد علي قوات (موديل) في الشمال و لم يكن الرجل مستعدا بأي خطط دفاعية و بحلول يوم 16 يوليو 1943م كان الأمر قد تحول لهجوم سوفيتي شامل و بحلول أغسطس كانت مدينتي (أوريل) و (خاراكوف) بأيدي السوفيت مرة أخري و بنهاية أغسطس 1943م كان السوفيت قد حرروا أكثر من 100كم من الأراضي علي خط مواجهة يبلغ 2000كم و تقدم السوفيت بإستمرار منذ تلك اللحظة حتي إحتلوا برلين نفسها بعدها بعامين فقط..
في الواقع تعتبر (كورسك) هي النهاية الحقيقية للفيرماخت و كل ما تلاها كان مجرد تحصيل حاصل..
الدكتور