معركة العلمين (الجزء الأول)

بدات الحرب العالمية الثانية بإكتساح ألماني ياباني سواء من ناحية أوروبا أو في المحيط الهادي و استمر الإكتساح 1939-1941 فالألمان إحتلوا بولندا و سكاندنافيا و تشيكوسلفاكيا و هولندا و بلجيكا و فرنسا و يحاصرون إنجلترا بقوة و علي ابواب موسكو حاليا .... و اليابانيين أحتلوا شبه جزيرة المالايو و طردوا البريطانيين شر طردة من هناك بعد هزيمة مذلة و إستطاعوا إحتلال أجزاء كبيرة من الصين كما كبدوا الأمريكان خسائر فادحة في (بيرل هاربور) و (بحر الكورال).

و لكن جاءت 1942م لتقلب الموازين راسا علي عقب.

فالأمريكان إستطاعوا تلقين اليابانيين درسا قاسيا جدا و حطموا حوالي نصف حاملات الطائرات اليابانية في الهادي في معركة واحدة فقط و هي (ميدواي) الشهيرة.

و الروس يقاومون النازيين ببسالة علي ابواب (ستالينجراد) و التي تبدو عصية المنال قبل أن يبيدوا الجيش السادس الالماني عن بكرة ابيه هناك في فبراير 1943م.

و البريطانيون إستطاعوا تحقيق نصرهم الحقيقي الأول علي الألمان .... هنا في صحاري جمهورية مصر العربية .... و معركة العلمين الشهيرة.

مقدمة هامة:

كما نعلم كانت (ليبيا) تقع تحت الإحتلال الإيطالي (و كانت إيطاليا حليفة قوية لألمانية النازية) و كانت (اثيوبيا) ايضا تحت الإحتلال الإيطالي و كان (موسوليني) يري أنه إذا إستطاع طرد الإنجليز من مصر و السودان (كانت دولة واحدة كما تعلمون) و إحتلالها بدلا منهم فسيسيطر علي قناة السويس (اهم مجري ملاحي في العالم) و سيصبح شمال شرق أفريقيا (لييبا و مصر و السودان و الجبشة تحت حكمه) اي أكثر من 6 مليون كم2.

لذا بدأ الطليان في سبتمبر 1940م محاولة الهجوم و إحتلال مصر و طرد البريطانيين منها و إستطاع الجيش العاشر الإيطالي إحتلال السلوم ثم مرسي مطروح ثم سيدي براني و هناك وقف الجيش الإيطالي إنتظارا للإمدادات و لكن بدأ البريطانيون بالهجوم المضاد و إستطاع الجيش الثامن الإنجليزي بمعاونة الفرقة السابعة مدرعات التابعة للأنزاكس (قوات استرالية نيزيلندية مشتركة) دفع الطليان خارج مصر بل و إحتلال أجزاء من ليبيا من ضمنها مدينة (طبرق) و القضاء علي الجيش العاشر الإيطالي تماما و التوغل لمسافة 800كم داخل (ليبيا).

لجأ (موسوليني) لحليفه القوي (هتلر) و الذي أرسل احد أكثر قادته دهاء لإنقاذ الوضع في شمال أفريقيا.. الكولونيل (اي عقيد وقتها بالطبع) إرفين روميل.. و الذي عرف فيما بعد  بلقب ثعلب الصحراء بسبب إنتصاراته المدهشة علي الحلفاء في ليبيا و مصر.

أرسله علي رأس ما عرف باسم (جيش البانزر الأفريقي) و الذي شمل الفرق 15 و 21 مدرعات و الفرقة 5 مشاة و حوالي 90الف جندي.

و رغم الفارق العددي الواضح لصالح الإنجليز (الذين كان جيشهم يشمل كتائب من جنوب إفريقية و الهند و استراليا) بدأت إنتصارات (روميل) المدهشة علي الإنجليز و قائدهم الجنرال (اوتشينليك) حيث إستطاع هزيمة البريطانيين الهزيمة تلو الأخري إلي أن إستطاع في 17 فبراير 1942م الإستيلاء علي (طبرق) مرة أخري .... و هكذا أصبح للالمان ميناء رئيسيا علي المتوسط يستطيعون من خلاله الحصول علي الإمدادات اللازمة من أوروبا.

و بعد النصر المدوي لروميل في (طبرق) علي الجيش الثامن الإنجليزي قام الرئيس النازي أدولف هتلر بترقيته إلي رتبة الفيلد مارشال (مشير يعني) و هي رتبة تعطي للقادة الذين حققوا إنتصارات ميدانية في معارك كبري .... و منذ ذلك الحين أصبح روميل هو القائد المفضل لدي (هتلر) و اكثر رجل يثق به.

بدأ (روميل) الإستعداد لغزو مصر فتقدم صوب (مرسي مطروح) و استولي عليها و إضطر القائد الإنجليزي (اوتشينليك) للإنسحاب إلي الخلف أكثر .... إنسحب حتي مدينة صغيرة تبعد 100كم فقط عن الأسكندرية.

مدينة (العلمين)

بل إنه لم يكن واثقا من قدرته علي صد (روميل) و جيش البانزر الأفريقي لذا فقام بعمل الكثير من الإستحكامات حول الأسكندرية إستعدادا للهزيمة المحتملة .... و وضع البريطانيون أيديهم علي قلوبهم خوفا من الهزيمة المحتملة و ضياع قناة السويس.

و رغم أن جيش البانزر الأفريقي كان متعب من المعارك الضارية التي ظل يخوضها في الصحاري المصرية و الليبية علي مدي أكثر من ثلاثة أشهر و حان وقت الراحة ... إلا أن الثعلب (روميل) قرر أن هذا هو وقت الهجوم المناسب قبل أن يقوم (أوتشينليك) و الجيش الثامن الإنجليزي بإحكام دفاعاته حول (العلمين).

و في 1 يوليو 1942م هجم (روميل) علي الجيش الثامن الإنجليزي المرابط في (العلمين) و استمرت المعارك الضارية بين الطرفين حتي 27 يوليو 1942م ..... 27 يوما من الهجوم الألماني المتواصل (و الذي عرف باسم معركة العلمين الأولي) و الذي اسفر عن أكثر من 13200 قتيل علي جانب الحلفاء ... و في النهاية قرر (روميل) ايقاف الهجوم و إلتقاط أنفاسه و الإرسال في طلب مساعدات من المانيا فهو لا يستطيع كسر الحلفاء حاليا .... فصحيح انه كبد الحلفاء خسائر فادحة إلا أنه تكبد خسائر فادحة ايضا ... فخسر حوالي 10الاف جندي كما أنه تم اسر أكثر من 5000 جندي.

و أرسل (اوتشينليك) إلي (تشرشل) في إنجلترا أن قواته لن تتمكن (علي الأرجح) من صد هجوم الماني اخر .... و هنا قرر الإنجليز أن (اوتشينليك) قد أخذ فرصته كاملة و تلقي الكثير من الهزائم أمام (روميل) فقاموا بعزله و تعيين مكانه الجنرال (ويليام جوت) و لكن القدر لم يمهل (جوت) فقامت مقاتلات الميسرشميت 109 الألمانية بإعتراض طائرته و إسقاطها في طريق عودتها للقاهرة مما أدي الى وفاته في الحال.

و قام رئيس الوزراء البريطاني (ونستون تشرشل) بتعيين قائد جديد للمعركة المرتقبة مع الثعلب (روميل) في الصحاري المصرية ..... المعركة التي حملت اسم (معركة العلمين الثانية) و التي نعرفها كلنا أختصارا باسم معركة العلمين ..... قائد كان مغمورا إلي حد ما وقتها و لكنه أصبح فيما بعد أشهر قائد عسكري إنجليزي في القرن العشرين 
و بلا منازع..

فيلد مارشال العلمين

برنارد مونتجمري

و الذي يعرف إختصارا باسم
مونتي.

يتبع الجزء الثاني >>

الدكتور