حرب فريدة من نوعها في تاريخنا الحديث...
فهي حرب بين دولتين كبرتين..
فهي حرب بين دولتين كبرتين..
و هي أحد الحروب القليلة التي دارت رحاها في الجبال .... في الواقع دارت الحرب علي قمم أعلي جبال في العالم.. كما أنها علي حد علمي هي الحرب الوحيدة (حتي الان) و التي دارت بين قوتين نوويتين تمتلك كل منها القدرة علي مسح عدوتها من علي خارطة العالم بضغطة زر واحدة من رئيس الجمهورية لكلتا الدولتين..
عن حرب كراجيل و التي دارت بين الهند و باكستان في 1999 علي قمم جبال الهملايا نحدثكم اليوم..
خلفية تاريخية:
حكم المسلمون الهند منذ ايام القائد الفاتح (محمد غزنوي) في القرن العاشر الميلادي و إعترف به الخليفة العباسي نفسه كخليفة للمسلمين بسبب فتوحاته و إنتصاراته و قيامه بنشر الإسلام في الهند و تعاقبت الكثير من الممالك الإسلامية علي حكم الهند كان ابرزها بالطبع المغول و كان اشهر قادتهم الذين حكموا الهند ضمن اراضي أخري من ممالكهم الشاسعة (تيمور لنك) ثم ضعفت الدولة و تفككت حتي جاء قائد مغولي مسلم شجاع و هو الغازي (ظهير الدين محمد بابر) و الذي أسس دولة المغول في الهند مرة أخري في القرن السادس عشر و التي استمرت حتي القرن التاسع عشر و مجئ الإحتلال الإنجليزي البغيض للهند..
و مع مجيء الإنجليز عاد الهندوس للسيطرة علي مفاصل الدولة التي فقدوها لقرابة العشر قرون ..
ملحوظة جانبية: يطلق بعض الهندوس علي تلك الفترة لفظ الهولوكست الهندوسي و يزعمون أن المسلمين عبر 10 قرون قتلوا منهم 400 مليون!!!!!
و مع بدايات القرن العشرين بدأت المصادمات بين الهندوس و المسلمين في الهند تزداد و بدأ البرلمان البريطاني مناقشة تأسيس دولة مستقلة للمسلمين في شمال الهند و في ثلاثينيات القرن الماضي ظهر مصطلح (باكستان) لأول مرة علي يد (خودري رحمة علي) و تعني الأرض النقية..
و بلغت المصادمات بين المسلمين و الهندوس أوجها في كلكتا 1946م حينما قام الهندوس بقتل 4000 مسلم و ترحيل كل العائلات المسلمة من هناك بالقوة..
طبعا أصبحت المعيشة مستحيلة للمسلمين في الهند لذا فمع إستقلال (الهند) عن (بريطانيا) في 1947م إستقلت (باكستان) في 15 اغسطس 1947م و إعترف بها في الأمم المتحدة كدولة مستقلة..
و علي أثر هذ الإستقلال حدثت هجرات كبيرة في تلك المناطق حيث ذهب الهندوس و السيخ إلي الهند و ذهب المسلمون إلي (باكستان) و لكن ظلت هناك مشكلة حدودية كبري بين الدولتين و هي أقليم (جامو و كشمير) و الذي تسكنه أغلبية مسلمة
حاولت (باكستان) بالقوة العسكرية اكثر من مرة ضم (كشمير) لها إلا أن الفشل كان نصيبها دائما (اشهرهم كانت حرب 1971م بالطبع) فحاولت (باكستان) اللجوء للأمم المتحدة و تدويل القضية من أجل عمل إستفتاء للشعب الكشميري يقرر فيها مصيره سواء بالإنضمام لباكستان أو البقاء مع الهند إلا أن المحاولات الباكستانية الدؤوبة كانت تتحطم علي صخرة القوة الناعمة الهندية..
فكانت اخر محاولة حقيقية لضم (كشمير) هي حرب (كراجيل) في 1999م حيث كانت (باكستان) للتو قد أجرت تجاربها النووية الأولي الناجحة في 1998م و كانت تؤمن انها تستطيع خلخلة الوضع هذه المرة بطريقة مختلفة قد تؤدي إلي تدويل القضية و عمل الإستفتاء المنتظر..
البداية;
بعد التجارب النووية الباكستانية في 1998م بدات المخابرات الباكستانية العمل علي تدريب و تجهيز أفراد مسلحين بلباس مدني و إرسالهم إلي (كراجيل) علي الناحية الهندية علي أنهم مجاهدين و لكنهم في الواقع كانوا أفرادا نظاميين في الجيش الباكستاني (ضباطا و جنود) و حملت العملية الاسم الكودي (بدر) و اختارت المخابرات الباكستانية (كراجيل) لعدة اسباب:
- تمتاز (كراجيل) بجو شديد البرودة بسبب إرتفاعها الشاهق مما سيجعل فرصة القوات المسلحة الهندية في الدفاع عنها ضعيفة.
- لم تكن (كراجيل) محمية جيدا بسبب طبيعتها الجبلية الوعرة.
- لا تبعد (كراجيل) سوي 170كم فقط عن مدينة (سكاردو) الباكستانية مما سيسهل من تقديم الدعم اللوجيستي للباكستانيين هناك.
و رغم أن العملية كما ترون كان يخطط لها منذ أكثر من عام إلا أنه حين إندلاعها في مايو 1999م أعلن وقتها رئيس الوزراء الباكستاني (نواز شريف) أنه لم يكن لديه أي علم بالعملية و أن العملية كلها تمت بتخطيط من رئيس الأركان وقتها (برويز مشرف).
مرت المعركة بثلاث مراحل رئيسية نتناولها بالتفصيل:
المرحلة الأولي:
بسبب الشتاء القارص في الهملايا كان من الطبيعي أن تتراجع القوات الهندية و الباكستانية من مواقعها هناك في الشتاء و العودة مع بدايات الربيع و لكن في 1999م عادت القوات المسلحة الباكستانية لمواقعها مبكرا في فبراير بل و قامت سبع كتائب مشاة تابعة للقوات الخاصة بإحتلال مواقع علي الجانب الهندي بمساعدة المسلحين الذين دخلوا إلي كراجيل عبر العام المنصرم كما قامت المدفعية الهندية بتكثيف قصفها اليومي علي الحدود الهندية و رغم أن الباكستانيين إحتلوا المواقع في أواخر فبراير إلا أن الهنود لم يكتشفوا هذا حتي أول أسبوع في مايو.
بسبب الشتاء القارص في الهملايا كان من الطبيعي أن تتراجع القوات الهندية و الباكستانية من مواقعها هناك في الشتاء و العودة مع بدايات الربيع و لكن في 1999م عادت القوات المسلحة الباكستانية لمواقعها مبكرا في فبراير بل و قامت سبع كتائب مشاة تابعة للقوات الخاصة بإحتلال مواقع علي الجانب الهندي بمساعدة المسلحين الذين دخلوا إلي كراجيل عبر العام المنصرم كما قامت المدفعية الهندية بتكثيف قصفها اليومي علي الحدود الهندية و رغم أن الباكستانيين إحتلوا المواقع في أواخر فبراير إلا أن الهنود لم يكتشفوا هذا حتي أول أسبوع في مايو.
المرحلة الثانية:
في 5 مايو قام مسلحين/الجيش الباكستاني بالقبض علي دورية هندية و قتل طاقمها و هنا بدأت الهند تشعر ان الوضع ليس علي ما يرام هناك و لكنهم كانوا قد خدعوا فعلا فظنوا أنه هجوم محدود من بعض المجاهدين الكشميريين و لكن جواسيس و عيون المخابرات الهندية هناك ارسلوا الوضع الحقيقي لدلهي ..... فالجيش الباكستاني/المسلحين قام بإحتلال مساحة تقترب من ال200كم2.
في 5 مايو قام مسلحين/الجيش الباكستاني بالقبض علي دورية هندية و قتل طاقمها و هنا بدأت الهند تشعر ان الوضع ليس علي ما يرام هناك و لكنهم كانوا قد خدعوا فعلا فظنوا أنه هجوم محدود من بعض المجاهدين الكشميريين و لكن جواسيس و عيون المخابرات الهندية هناك ارسلوا الوضع الحقيقي لدلهي ..... فالجيش الباكستاني/المسلحين قام بإحتلال مساحة تقترب من ال200كم2.
المرحلة الثالثة: (الرد الهندي)
قدرت الهند أفراد الجيش الباكستاني داخل (كراجيل) و ما حولها بحوالي 5000 فرد مسلحين بالرشاشات و القنابل اليدوية و المدفعية الخفيفة و مضادات الطائرات المحمولة كتفا (ستنجر) بالإضافة إلي الرادار الباحث عن المدفعية الأمريكي AN/TPQ-36..
قدرت الهند أفراد الجيش الباكستاني داخل (كراجيل) و ما حولها بحوالي 5000 فرد مسلحين بالرشاشات و القنابل اليدوية و المدفعية الخفيفة و مضادات الطائرات المحمولة كتفا (ستنجر) بالإضافة إلي الرادار الباحث عن المدفعية الأمريكي AN/TPQ-36..
فقامت الهند بتحريك فرقتي مشاة مكونين من 30الف جندي للمنطقة كما قامت البحرية الهندية الكبيرة ببدء مناورات علي حدود مرفأ كراتشي مع التهديد بقطع الإمدادات البحرية عن (باكستان) إذا لزم الأمر.
في بداية الحرب كانت الحكومة الباكستانية تنكر أي علاقة لها بالموضوع و ذلك حتي 5 يونيو 1999م حينما قامت الهند بأسر ثلاثة جنود باكستانيين بأوراق هوية رسمية و وقتها أصبح موقف (باكستان) الدولي و الدبلوماسي صعبا جدا!!!!
بسبب الطبيعة الجبلية الوعرة كان الإمداد اللوجيستي الهندي يتم برا علي الطريق الدولي السريع NH-1 و الذي كان في مرمي المدفعية الباكستانية لذا كانت الأولوية الهندية هي السيطرة مرة أخري علي المناطق الجبلية المتمركز فوقها المدفعية الباكستانية و التي تهدد الطريق.
و منذ منتصف مايو و حتي 29 يونيو دارت معارك شرسة بين الجانبين و شاركت في المعارك مقاتلات الميج-21 و الميج-27 و الميراج-2000 و التي قامت بإلقاء مئات القنابل الموجهة بالليزر علي مواقع الجيش الباكستاني و إستطاع الباكستانيون خلال المعارك إسقاط مقاتلتين واحدة من طراز ميج-21 و الأخري ميج-27 (تم اسر قائدها) كما قاموا بإسقاط طائرة هيليكوبتر من طراز مي-17 ايضا.
ثم تمكن الدفاع الجوي الباكستاني من إسقاطي طائرتي ميراج 2000 أيضا ..
grin رمز تعبيري
وكان الرد الهندي على تلك المهزلة هو قيام ميج 21 هندية بإستهداف طائرة اتلانتيك كانت تقوم برحلة تدريبية (نسخة للتدريب من طائرة الدورية البحرية اتلانتيك ) وقتل على متنها 20 متدربا (محللين ومشغلي رادار إلخ )..
وكان الرد الهندي على تلك المهزلة هو قيام ميج 21 هندية بإستهداف طائرة اتلانتيك كانت تقوم برحلة تدريبية (نسخة للتدريب من طائرة الدورية البحرية اتلانتيك ) وقتل على متنها 20 متدربا (محللين ومشغلي رادار إلخ )..
و بحلول 29 يونيو كانت الهند قد قامت بتأمين الطريق الدولي السريع NH-1 تماما و بدأت الإتجاه ناحية مدينة (كراجيل).
بدأت الأمور تسوء بالنسبة لباكستان و قام الجيش الباكستاني بتحريك صواريخه المحملة برؤوس نووية ناحية الحدود الهندية تحسبا لأن تسوء الظروف و في 4 يوليو 1999م اتصل الرئيس الباكستاني (نواز شريف) بنظيره الأمريكي (بيل كلينتون) طلبا للمساعدة ففي حال قيام الهند بتنفيذ تهديدها بغلق ميناء (كراتشي) فوقتها لن تمتلك باكستان وقود يكفيها سوي لستة ايام فقط و قد يحدث ما لا يحمد عقباه!!!!
بالطبع رفض (كلينتون) التدخل حتي تقوم (باكستان) بسحب قواتها من داخل (كشمير) و إرجاع رؤوسها النووية بعيدا عن الحدود الهندية و حتي (الصين) الحليف الرئيسي لباكستان أصرت علي أن تنسحب (باكستان) لداخل الحدود المتفق عليها و رفضت رسميا اعمال الجيش الباكستاني.
أضطر (شريف) للإمتثال و تعهد بسحب جميع قواته و استمرت بعض الميليشيات الكشميرية في الحرب حتي انتهائها رسميا في 26 يوليو 1999م بنصر حاسم للهند.
انتهت الحرب بعد أن كبد الجيش الباكستاني نظيره الهندي خسائر كبيرة فقتلي الهند كانوا 527 و اصيب أكثر من 1300 و فقدت مقاتلتين و طائرة هيليكوبتر أما باكستان ففقدت حوالي 450 جندي و 660 مصاب.
الدروس المستفادة:
- رأيي الشخصي هي نموذج للتخطيط السئ الذي لا يؤدي إلي شئ في الأخر
فلم يقدر الباكستانيين قوة خصمهم.
- رأيي الشخصي هي نموذج للتخطيط السئ الذي لا يؤدي إلي شئ في الأخر
فلم يقدر الباكستانيين قوة خصمهم.
- رغم التخطيط السئ إلا أن الباكستانيين أثبتوا أنهم جنودا أشداء و إستطاعوا تكبيد الهنود خسائر فادحة داخل أرضهم رغم كل الظروف من قصف جوي و قصور شديد في الإمكانيات و التسليح مقارنة بالهنود.
- لم يقدروا قوة حلفائهم سواء المحليين داخل كشمير أو الدوليين مثل الصين.
- لم يستطع الباكستانيون إستعمال قواتهم الجوية لمساندة قواتهم علي الأرض
بل أن قادة الجيش الباكستاني وقتها قاموا بتوريط الدولة كلها في الحرب دون أخذ رأي رئيس الوزراء نفسه حتي و ليس الشعب (ينكر مشرف هذا و يزعم أنه اخبره قبل الحرب باسبوعين بس اخبره عشان يقوله مش عشان ياخد رأيه).
-من الأخر هذه الحرب هي نموذج للعقليات المتعفنة الديكتاتورية التي تحكم دول العالم الثالث.
الدكتور