غرائب

Wisata

Budaya

Kuliner

Kerajaan

بحري

Suku


تعتبر العملية (بارباروسا) هي المعركة الأعنف و الشرس في التاريخ و لا منازع ..... فمع وجود ما يقرب من ال20 مليون قتيل و أضعاف أضعاف هذا العدد من الجرحى لم يكن هناك ضحايا أكثر فى التاريخ الحديث و القديم من تلك المعركة....

معركة قوامها 3 مليون مقاتل بأفضل و أرقى ما وصلت إليه التكنولوجيا العسكرية فى هذا الزمن من طرف يحاربون فى دولة حجمها يفوق ال20 مليون كم2 و تعداد سكانها يتعدى ال 140 مليون نسمة أملا فى إحتلال تلك الدولة و الظفر بموارد الطاقة اللامتناهية و الثروات المعدنية الهائلة التى تتمتع بها تلك الدولة .... المعركة التى تواجه فيها إثنين من أبشع الزعماء على مر التاريخ .... معركة الماكينات ضد الدب أو الفوهرر ضد الرجل الحديدي ..... المعركة التي كان النصر فيها حليفا للرجل الحديدى الذى إستطاع أن يحطم الفيرماخت و ينهى أسطورة الرايخ الثالث.

صحيح أن (بارباروسا) تميزت بالكثير من المعارك حول المدن السوفيتية الرئيسية (موسكو) و (سومنولسك) و (كييف) و (ليننجراد) و (كورسك) .... و لكن كانت هناك مدينة خاصة .... مدينة دارت في حواريها و أزقتها المعركة الأعنف و الشرس ..... مدينة حسمت الصراع لحد كبير لصالح الرجل الحديدي و جيشه ..... لابد انكم خمنتم أننا نتحدث عن غزو الإتحاد السوفيتى و معركة مدينة (ستالين) أو بالروسىة ستالينجراد.

فى صيف 1941 كان الرايخ الثالث فى أوج عنفوانه و جبروته و كان الفيرماخت (الجيش النازى) لا يقهر .... ففى أقل من سنتين إستطاع (هتلر) و حلفاؤه السيطرة على فرنسا, بلجيكا, هولندا, و بولندا و شرق أوروبا, و اليونان و شمال إفريقيا و اللوفتفاف يقصف المدن الإنجليزية يوميا من أجل تركيع الإمبراطورية التى لا تغيب عنها الشمس ..... و رغم كراهية النازيين الواضحة للشيوعيين كانت العلاقات بين (هتلر) و (ستالين) لا بأس بها إلى الان فقبل الحرب العالمية قرر هتلر عمل معاهدة عدم إعتداء مع الدب الروسى و إن كان قد كسر تلك المعاهدة بعض الشئ بإحتلال (بولندا) و لكن السوفيت بالعربى عملوا نفسهم من بنها و إنهم ماخدوش بالهم كما فعل الأوروبيون مع تشيكوسلوفاكيا ....

 على أى حال لازلنا فى صيف 1941 و العلاقات بين (هتلر) و (ستالين) لا بأس بها .... و رغم كره هتلر المعلن للشيوعية و إحتقاره لأنصارها و لكن الكل يعلم أن الظروف لا تحتمل فتح جبهة أخرى مع الإتحاد السوفيتى الان و خصوصا أن خطط إحتلال بريطانيا تم وضعها و على وشك التنفيذ ..... و لكن بلعبة مخابراتية بارعة من المخابرات الإنجليزية يقتنع (هتلر) أن ظهره ليس أمنا و أن السوفيت سيغدرون به أثناء أحتلال بريطانيا فيقرر أن يرتكب تانى أكبر حماقة فى الحرب العالمية الثانية بعد الحماقة اليابانية فى بيرل هاربور ..... إحتلال أكبر دولة فى العالم .... إحتلال الإتحاد السوفيتى.

يوليو 1941:

بدا الإجتياح النازى للإتحاد السوفيتى بأكبر جيش فى التاريخ القديم و الحديث 3 مليون جندى ألمانى يجتاحون السهول و الصحارى الروسية ..... كعادتهم حقق الألمان إنتصارات حاسمة و سريعة بسياسة الأرض المحروقة التى كانوا يتبعونها .... فهم لا يهتمون بإحتلال القرى و المدن و السيطرة عليها بل يحرقونها بسكانها عن بكرة أبيها -بعد إغتصاب النساء بالطبع- مما مكنهم من إحتلال ملايين الكيلومترات فى ظرف تسعة أشهر و لكن دون السيطرة على المدن الكبرى ....

 و يفاجأ الألمان بالحقيقة الرهيبة التى كانوا يعرفونها و لكن ليس من رأى كمن سمع فالإتحاد السوفيتى كبير جدا جدا جدا و شاسع جدا جدا جدا جدا ..... فرغم مرور تسعة أشهر و إحتلال مساحات أضعاف أضعاف (ألمانيا) نفسها إلا أن (الإتحاد السوفيتى) لايزال يحارب و لا تزال معظم أراضيه تحت سيطرة الرجل الحديدى و بالتأكيد لا يتحمل الألمان الدعم اللوجيستى لأكثر من 3 مليون جندى على بعد الاف الكيلومترات من الوطن الأم لذا فلابد من إنهاء الحرب سريعا ..... و لكن ما العمل فالإتحاد السوفيتى فعلا كبير؟؟؟

إذا لابد من الإتجاه نحو المدن الكبرى و السيطرة على حقول الغاز و النفط فى الجنوب و قطع الطريق بين تلك الحقول و المدن الكبرى فى الشمال و السيطرة على نهر الفولجا و من أجل هذا الهدف أرسل (هتلر) أكثر من 2 مليون جندى (أى ثلثى الفيرماخت فى روسيا) من أجل السيطرة على حقول النفط.

مايو 1942:

الفيرماخت يتجه بكل سرعة و قوة و ثقة صوب حقول النفط الروسية فى الجنوب و تسقط القرى و المدن الصغيرة فى الطريق واحدة تلو الأخرى و لا تزال سياسة الأرض المحروقة تؤتى نتائجا باهرة و أصبح الرجل و جنرالاته لا يشكون لحظة أن النصر حليفهم لذا فسوف يجرون تعديلا بسيطا على الخطة .... لن يذهب ال2مليون جندى كلهم صوب حقول النفط و الغاز فى الجنوب بل حوالى نصفهم –الجيش السادس الألمانى- تحت قيادة الجنرال الرهيب (فريدريك باوليس) سيذهبون لتلك المدينة القابعة على ضفاف الفولجا .... درة الإتحاد السوفيتى و معقل مصنع دبابات التى-32 .... مدينة الرجل الحديدى .... ستالينجراد.

في الواقع لم تكن للمدينة أهمية إستراتيجية كبري للمعركة ... فهي تقع في أقصي الجنوب للإتحاد السوفيتي و لكن تكمن أهميتها في أن سقوطها بايد النازيين سيحمل نصرا معنويا كبيرا للفوهرر و هزيمة معنوية كبري للجيش الأحمر .... فهي المدينة التي تحمل اسم زعيم الإتحاد السوفيتي ... ستالين.

يعني لو كان اسمها برعي جراد أو حميدو جراد لم يكن هتلر ليفكر لحظة في إحتلالها و فعلا إحتلالها لم يكن في الخطط الأصلية للعملية باباروسا.

يوليو 1942:

الفيرماخت يتجه صوب (ستالينجراد) و الرجل الحديدى يصدر أوامره أخيرا بعد قرابة السنة من الغزو النازى لروسيا ..... الإنسحاب و التراجع ممنوع .... الشرطة العسكرية ستضرب النار على الجنود و الأهالى المنسحبين ..... فبالتأكيد الموت أهون من سقوط (ستالينجراد) ..... بدأ سكان (ستالينجراد) البالغ تعدادهم فوق ال3/4 مليون نسمة الإستعداد للمعركة الرهيبة القادمة و الكل يشارك الجنود, النساء, الشباب, و حتى الأطفال.

تم نصب المدافع المضادة للطائرات على مرتفعات المدينة.
تم حفر الخنادق لوقف زحف المجنزرات النازية.
و بدأت الدعاية و الأناشيد السوفيتية التى تتوعد النازيين بالموت و الويل و الثبور و عظائم الأمور.

و لكن فى 23 أغسطس 1942 كان الموت و الويل و الثبور من نصيب السوفيت .... فاللوفتفاف بدأ فى شن غاراته الجوية على (ستالينجراد) و التى تعدت ال2000 غارة فى أقل من 48 ساعة و بدأت طائرات الستوكا و الميسرشميت فى أداء دورها بإمتياز و ألقت أكثر من 1000 طن من القنابل على تلك المدينة ..... وبسبب البيوت الخشبية تحولت المدينة إلى قطعة من الجحيم بالمعنى الحرفى للكلمة و غطت ألسنة اللهب و الدخان سماء المدينة .... و فى ظرف 48 ساعة قتل 25ألف ورسى و جرح أضعاف هذا الرقم .... 

ظن فون مانشتاين أن الحرب إنتهت و الجيش السادس الذى إحتل فرنسا و بولندا من قبل بقيادة الجنرال (فريدريك باوليس) سيسطر على الأرض فى أقل من أسبوع و لكن الحرب كانت قد بدات للتو .....نظر (باوليس) لخريطة المدينة ووجد أنها تنقسم لثلاثة أقسام .... 

منطقة المصانع و التى تحوى مصنع الدبابات الشهير منطقة الميناء على نهر الفولجا و التى تعتمد المدينة عليه بنسبة كبيرة لتستمر فى الحرب و الحياة و الهضبة (ماميس كورجان) و التى تعتبر أعلى نقطة فى المدينة .....

قرر (باوليس) الذهاب للهضبة للسيطرة على أعلى نقطة فى المدينة و ضرب الميناء بالطيران من أجل قطع الإمدادات عن المدينة و تركها تختنق .... و كالعادة أبلى الفيرماخت بلاء حسنا و فى ظرف ساعات معدودة كان مسيطرا على أجزاء كبيرة من المدينة التى فقدت اللكثير من جنودها أثناء القصف الجوى و تراجع الروس بقيادة العنيد (فاسيلى تشايكوف) لنهر الفولجا الذى يعتبر أملهم الأخير منتظرين الإمدادت التى سوف تأتى من هناك و فعلا يأتى 10الاف جندى روسى لنجدة المدينة و لكن دون السلاح و الذخيرة الكافية و منى الروس بهزيمة ساحقة .... و أصبح باوليس يسيطر على أكثر من 90% من المدينة و رغم الهزيمة الواضحة التى منى بها السوفيت إلا أن الأمور لم تكن بهذه البساطة .....كلنا شاهد الفيلم الرائع (Enemy at the gates) و كيف أبلى القناصين الروس الذين تخفوا وسط حطام المبانى المهدمة بلاء حسنا فى تلك الحرب و كان كل جندى نازى يشعر أنه تحت رحمة بندقية سوفيتية فى أى لحظة .....

 و بدأت حرب العصابات فى شوارع (ستالينجراد) و جاء القناصين الألمان و انضموا لتلك الحرب .... لم يكن الألمان مهيئين لحرب الجرذان هذه على الإطلاق ..... و لكن الألمان لم يكونوا هذا الخصم السهل و إستطاعوا بعد 6 أسابيع إحكام قبضتهم على المدينة أكثر و أكثر و إضطر )تشويكوف( و جنوده الذى فقد ربعهم فى الحرب للإنسحاب للخلف .... فالشتاء جاء و نهر الفولجا تجمد و الإمدادات لن تأتى و إقتنع (تشويكوف) بالهزيمة و أعلن (هتلر) فى 8 نوفمبر 1942 أنه أخيرا أصبح يسيطر على مدينة (ستالين).

و لكن (ستالين) نفسه كان يجهز لمفاجأة قاسية.


 19 نوفمبر:

بدأ (ستالين) خطته لإستعادة مدينته .....و بدأت صواريخ الكاتيوشا و المدفعية تمطر الجيش الألمانى داخل (ستالينجراد) من غرب المدينة و كان هذا نتاج شهرين من العمل السرى المتواصل فبعد 80 دقيقة من القصف المتواصل هذأت المدافع لتبدأ 18 فرقة مشاة و 8 كتائب دبابات هجومها من الشمال لإستعادة ستالينجراد و بدأوا تقدمهم وسط الثلوج و تحركهم رغبة مجنونة فى الثأر و الإنتقام من الفيرماخت و الأسوأ أن الجيش الروسى الأول بدأ هجومه من الشمال و فى يوم 24 نوفمبر كان 300 ألف جندى ألمانى محاصرين بين الكماشة الروسية ....

 حاول (باوليس) إستئذان (هتلر) فى الإنسحاب و الألتفاف على الجيش الروسى .... و لكن (هتلر) رفض بعد أن أقنعه (فون مانشتاين) انه سيستطيع فك الحصار و لكنه يحتاج لشهر كى يستعد ..... و قرر (هتلر) أن يقوم بعمل مجنون و هو تقديم الدعم اللوجيستى جويا ل300 ألف جندى محاصر فى (ستالينجراد) إلى أن يستعد (فون مانشتاين) ..... و لكن القوات الجوية الروسية و الأحوال الجوية السيئة لم تسمح للوفتفاف بتقديم الدعم المطلوب و بدأت المؤن و الذخيرة فى النفاذ ..... و بدأ الجنود الالمان يدركوا حقيقة ان النجدة لن تأتى ابدا و يهربون على الطائرات المغادرة ..... و لكن جاءت النجدة أخيرا بقيادة الفيلد مارشال (فون مانشتاين) قائد معركة (فرنسا) على إمرة فرقتين مدرعتين و تحت غطاء اللوفتفاف ....

 لكن الفارق العددى كان رهيبا لصالح الروس و لم يستطع فون مانشتاين كسر الحصار و بدأ الروس الإستعداد للهجوم على الجيش النازى فى الجنوب لتحرير حقول النفط فما كان من (فون مانشتاين) إلا الإنسحاب للجنوب لصد الجيش السوفيتي هناك .... و مع إنسحاب (فون مانشتاين) ذهب الأمل الأخير ل(باوليس) و جنوده و أدركوا ان هزيمتهم نافذة و أنه لا مفر من الإنسحاب ..... و أسقطت الطائرات السوفيتية الاف الرسائل للجنود الألمان تعدهم بالدفء و الطعام و الأمان لو استسلموا و بالعكس لو لم يحدث .... و لكن كالعادة رفض (هتلر) الاستسلام و حاول الجنود الهروب لألمانيا و لكن الروس لم يمهلوهم .... فبعد 6 أسابيع من الحصار بدأ السوفيت المعركة الأخيرة ....

منهك
و محاصر
و متجمد

لم يعد الجيش السادس قادرا على الدفاع عن نفسه .... و فى ال7:45 ص 31 يناير 1943 قرر (باوليس) مخالفة أوامر (هتلر) و الإستسلام .... إستسلم بعد أن قتل 150 الف جندى و جرح أضعاف أضعاف هذا الرقم و أسر 90 ألف جندى ألمانى ..... لم يعد لألمانيا إلا 5الاف فقط ..... أنتصر (ستالين) و استعاد مدينته و لكن الثمن السوفيتي كان باهظا ...... فروسيا فقدت فى معركة (ستالينجراد) فقط أكثر مما فقدته (بريطانيا) و (الولايات المتحدة) مجتمعين فى الحرب ...... و كانت هذه هي البداية فقط..

بداية النهاية لأسطورة (الفيرماخت) الذى لا يقهر.

الدكتور

تنبيه إداري : ثقافة عسكرية

لأي إستفسار أو مناقشة يرجي زيارة صفحتنا علي الفيسبوك بالرابط https://www.facebook.com/Malwmataskrya2 وذلك لأنه لن يرد عليك أي من الأدمنز إلا بالصفحة الرسمية كما أشرنا لرابطها وبإسم الصفحة غير ذلك قد يكون أي عضو يساهم في إثراء الحوار وإضافة جديد أو يقدم مساعدة ما ولكنه بالتأكيد ليس أي من الأدمنز لأن جميع الأدمنز يلبي أي من إستفساراتك بالصفحة فقط وبإسم الصفحة الرسمي .
«
Next
رسالة أحدث
»
Previous
رسالة أقدم
التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات:

اترك تعليقا