الهجمات الجوية :
قبل أى كلام لابد من عرض بعض الحقائق:
- الطيارون اليابانيون أفضل و أكثر خبرة من نظرائهم فى الولايات المتحدة .... فأمريكا دخلت الحرب منذ ما يزيد قليلا على 6 أشهر فى حين أن اليابانيين يحاربون فى شرق أسيا بشكل متواصل لمدة 3 سنوات الان.
- طائرات (الزيرو) اليابانية أفضل كثيرا من (الهيل كات) و (الوايلد كات) الأمريكية.
- الأسطول (اليابانى) رغم كل الأخطاء التى حدثت إلى الان أكبر من الأسطول الأمريكى كثيرا (فبه 4 حاملات و الولايات المتحدة لديها 3 فقط) وهم مستعدون بقوة و معنوياتهم فى السماء بعد النصر الذى حققوه الشهر الماضى على الأمريكان فى بحر المرجان شمال (أستراليا).
اقلعت الطائرات للهجوم الجوي الأول في الساعة 12:30 .... يتشكل الهجوم من تسع طائرات B-17 اقلعت من ميدواي. وبعد مضي ثلاث ساعات، وجدوا مجموعة نقل تاناكا اليابانية الف وستون كيلومتراً بإتجاه الغرب تحت نيران المدافع الثقيلة المضادة للطائرات قاموا بإسقاط قنابلهم و لكن كما قلنا من قبل فالأمريكان مجموعة هواة و لم تضرب اي من القنابل اي من الأهداف اليابانية ولم يكن هناك ضرر يذكر.
وفي الساعة الرابعة والنصف من صباح يونيو، قام (ناغومو) بإطلاق هجومه الأولي على (ميدواي) وكانت قوته مكونة من 36 طائرة (آيتشي) الإنقضاضية و36 طائرة (ناكاجيما) الحاملة للطوربيدو برفقة 36 طائرة مقاتلة من ميتسوبيشي. وفي نفس الوقت اطلق طائرة رقابية جوية وبالإضافة إلى ذلك ثمان طائرات بحث، واحدة من السفينة الحربية (توني) تأخرت ثلاثون دقيقة بسبب عطل فني.
التقط الرادار الأمريكي تواجد القوات اليابانية على بعد اميال عديدة وتم التشويش على اي محاولة تعرض للرادار. اقلعت الطائرات القاذفة للقنابل وحيدة بدون اي حماية لضرب اسطول حاملات الطائرات الياباني، وضلت المقاتلات الحربية التي يفترض ان تحمي القاذفات في (ميدواي) لحمايتها (بسبب عدم إحترافية الطيارين الأمريكان) .
في الساعة السادسة والثلث قامت طائرة من حاملة الطائرات اليابانية بقصف القاعدة الأمريكية ملحقة اضرار كبيرة بها. وقام طيارو القاعدة البحرية في (ميدواي) بقيادت طائرات ال(وايلد كاتس) وال(ابسوليسنت) و اعتراض الهجمة اليابانية ولكن تكبدوا خسائر فادحة، على الرغم من نجاحهم في إسقاط اربع مقاتلات انقضاضية وثلاثة قاذفات قنابل على الأقل. أغلب الطائرات الأمريكية اسقطت في الدقائق القليلة الأولى ولم يتبق سوى طائرتين فقط صالحة للطيران. في المحصلة النهائية ثلاثة من طائرات (F4F)و ثلاثة عشر من (F2A) تم إسقاطهم وإستطاعت المدفعية الأمريكية المضادة للطائرات إصابة 3 طائرات يابانية.
الهجوم الياباني الأول لم ينجح في إضعاف (ميدواي). كان لا يزال بإمكان قاذفات القنابل الأمريكية استخدام القاعدة الجوية للتزود بالوقود ومهاجمة قوات الغزو اليابانية؛ هجوم جوي آخر سيكون ضروري لو ذهبت القوات إلى الشاطئ بحلول السابع من يونيو.
- كونها أقلعت قبل الهجوم الياباني، قامت قاذفات القنابل الأمريكية المرتكزة على (ميدواي) بهجمات عديدة على الأسطول الياباني. شارك في هذه الهجمات 6 قاذفات طوربيد من طراز (جرومان أفينجر)، كانت قد أرسلت من الحاملة (هورنيت) إلى قاعدة (ميدواي)، بالإضافة إلى سرب طائرات استكشافية-قاذفة بحرية مكون من 11 طائرة انقضاضية من طراز SB2U-3s و 16 طائرة استكشافية من طراز SBD، و 15 طائرة من طراز B-17، و 4 طائرات مسلحة بالطوربيد من طراز B-26 التابعة للقوات الجوية للجيش الأمريكي USAAF (الذراع العسكري الجوي للولايات المتحدة ذلك الوقت، والذي استبدل لاحقا بالقوات الجوية الأمريكية USAF).
لم يكترث اليابانيون بهذه الهجمات وباثنين من المقاتلين المفقودين، مادام أنهم دمروا خمس طائرات من نوع (تي بي إف) وطائرتان من نوع (إس بي 2 يو) وثمانية من طائرات (إس بي دي) وطائرتان من طائرات (بي-26). ..... تم ضرب طائرة بي-26 من قبل مدفعية مضادة للطائرات على متن السفينة الحاملة للطائرات اليابانية (اكاغي). ولم يحاول الطيار تغيير مسار الطائرة حيث كاد ان يصطدم بشكل مباشر بغرفة التحكم الخاصة ب(اكاغي) قد تكون هذه التجربة ساهمت في مثابرة (ناجومو) من اجل القيام بهجوم آخر على (ميدواي)، في مخالفة مباشرة لأوامر (ياماموتو) بإبقاء القوة الاحتياطية متأهبة لعمليات مضادة للسفن.
قرار (ناجومو):
- وكانت الطائرات الانقضاضية لا تزال غير مسلحة ونتيجة للهجمات من (ميدواي) وبالإضافة لتوصيات من قائد الغارة الصباحية، أمر الادميرال (ناجومو) بأعادة تسليح طائراته الاحتياطية بقنابل من النوع المتفجر عند الاحتكاك المباشر ضد الاهداف الأرضية بعد أن أخبرته طائرات الإستطلاع بأنها وجدت قوة بحرية أمريكية لا بأس بها شرقاً، ولكنها اهملت تفاصيل عن مكونات هذا الاسطول حيث لم يقل أنها حاملات طائرات ........ قام (ناجومو) بالتراجع عن قراره وطالب طائرة الاستطلاع بالتأكد من تكوين القوة الأمريكية ولكن استغرق الرد اربعين دقيقة حيث افاد أخيراً برؤيته لحاملة طائرات من القوات الأمريكية وكانت هذه احدى حاملات الاسطول الشهير تي اف 16.
- أصبح الاميرال (ناجومو) في وضع حرج الآن تقدم نائب الأميرال (تامون ياماغوتشي) قائد حاملتي السفن (هيريو) و(سوريو) بإقتراح للاميرال (ناجومو) بالهجوم فوراً بالقوات المتواجدة وقتها، ثماني عشرة طائرة انقضاض Aichi D3A في كل من (هيريو) و(سوريو) ونصف القوات الجوية الجاهزة....... لكن فرصة الاميرال( ناجومو) المواتية لضرب السفن الأمريكية تضائلت بمعرفته بأن القوة الجوية التي قامت بضرب (ميدواي) ستعود قريباً لحاملة الطائرات .
وبسبب النشاط المستمر على سطح السفينة والمرتبط بعمليات القتال الهوائية في الساعة السابقة، فإن اليابانيين لم يكن لديهم أي فرصة لتهيئة طائراتهم الاحتياطية للاقلاع. الطائرات القليلة الموجودة على سطح الحاملة في لحظة الهجوم كانت إما طائرات دفاعية، أو (بالنسبة لـ سوريو) كانت طائرات تتم تهيئتها للمساعدة في القوة الدفاعية .......
تهيئة سطح الحاملة وإطلاق الطائرات كان سيستغرق على الأقل 30-45 دقيقة. بالإضافة إلى ذلك، لو قام (ناجومو) بتهيئة وإطلاق طائراته مباشرة، فسيعني ذلك أنه سيدفع ببعض احتياطيه للقتال بدون تسليحه بأسلحة مضادة للسفن، وهو الذي قد شهد قبل قليل كيف كان سهلا إسقاط القاذفات الأمريكية التي لم يرافقها حراسة كافية. (لو حدث هذا، فسيتسبب ضعف الانضباط لدى الكثير من الطيارين اليابانيين في التخلي عن قنابلهم ومحاولة الاشتباك مع طائرات الـ F4F التي ستعترض طريقهم) ...... و هنا يظهر خطأ إستطلاعى يابانى جديد و لكنه قاتل هذه المرة ..... كان السؤال هو هل حاملة الطائرات الأمريكية فى وضع و مدى يسمح لطائراتها بالهجوم على الاسطول اليابانى و كان الجواب الخاطئ كالعادة من الطيار بتاع الإستطلاع أنها كانت بعيدة لذا رأي (ناجومو) الإنتظار لعودة المهاجمين و كالعادة كان القرار خاطئا جدا جدا جدا..
*************
فالحاملة (إنتربايز) فى وضع يسمح لها بالهجوم على الأسطول اليابانى ....... بل هى بدأت الهجوم بالفعل!!!
ف(فليتشر) أطلق الطائرات من على متن الحاملات ابتداء من الساعة 07:00 الطائرات التي ستورد الضربة الساحقة للأسطول اليابانى فى المحيط الهادى ..
الهجوم على القافلة اليابانية:
- كان الأمريكيون قد أطلقوا طائراتهم ضد اليابانيين. قام الأدميرال (فلتيشر) الذي كان يملك القيادة العامة للقوات الأمريكية من على متن (يوركتاون)، بالاستفادة من التقارير الاستكشافية لطائرات PBY المتوفرة منذ الصباح الباكر، لذا أعطى أمرا لـ (سبرونس) بإطلاق طائراته في أسرع وقت ممكن عمليا، بينما أبقى الحاملة يوركتاون في الاحتياط في حال اكتشاف حاملات يابانية أخرى. (توجيهات فليتشر نقلت إلى سبرونس عن طريق نيميتز الذي بقي على الشاطئ على عكس ياماموتو).
- سبرونس قدر أنه بالإمكان نجاح الهجوم رغم بعد المسافة، وأعطى الأمر بإطلاق الطائرات حوالي الساعة 06:00. بعدها ترك الإشراف على التفاصيل وإطلاق الهجمة للكابتن مايلز براوننغ.
- أعطى (سبرونس) أمره الثاني المهم "بالتوجه للهدف"، وعدم تضييع الوقت الثمين بالانتظار لحين اكتمال تجمع القوة الضاربة في الهواء، حيث أمر بالتوجه للهدف بأسرع ما يمكن لإن تحييد حاملات العدو كان مهما لنجاة قواته.
قدر سبرونس بأن الحاجة لضرب العدو بأسرع ما يمكن كانت أهم من الحاجة لهجوم منسق بين الأنواع المختلفة من الطائرات (القاذات، والمقاتلات وقاذفات الطوربيد). وبناء عليه، تم إطلاق الأسراب الأمريكية مجزأة ووصلت إلى الهدف في مجموعات مختلفة.
كان متوفعا أن انعدام التنسيق سيحد من أثر الهجمات الأمريكية بشكل عام، وسيزيد من عدد الخسائر. مع ذلك، فقد قدر سبرونس بأن هذه مخاطرة تستحق أن يقوم بها، حيث أن إبقاء اليابانيين تحت هجوم جوي سيعيق قدراتهم على إطلاق هجمات معاكسة (التعليمات اليابانية المتبعة كانت تفضل هجمات كاملة التشكيل)، لذا راهن على أنه سيجد سفن ناجومو في أكثر حالاتها ضعفا و كان على حق.
- وبدأ بالهجوم في الساعة 09:20، وتبعه في 09:40 سرب قاذفات الطوربيد السادس المنطلق من (انتربرايز). بدون وجود طائرات مقاتلة مرافقة لحمايتها، استطاع اليابانيون إسقاط 15 قاذفة طوربيد أمريكية من طراز TBD Devastators تابعة للسرب الثامن الذي لم يتمكن من ضرب أي هدف.. استطاعت المقاتلات اليابانية السريعة من طراز ميتسوبيشي A6M2 زيرو القضاء بسرعة على قاذفات الطوربيد الأمريكية التي كانت بطيئة وبدون مقاتلات مرافقة أو تسليح كاف. تمكنت قلة من قاذفات الطوربيد للوصول إلى مسافات قصيرة جدا (أقل من بضعة أطوال سفينة) من السفن اليابانية مما مكنها من رش هذه السفن بالنار بوساطة أسلحتها الاتوماتيكية وإجبار الحاملات اليابانية على اتخاذ مناورات مراوغة حادة.
- تمكن هجوم قاذفات الطوربيد الأمريكية بشكل غير مباشر من تحقيق ثلاث نتائج مهمة.
الأولى: استطاع إفقاد الحاملات اليابانية توازنها وجعلها غير قادرة على تحضير وإطلاق هجمات معاكسة.
الثانية: تمكن الهجوم من سحب دوريات الحماية الجوية اليابانية خارح مواقعها.
الثالثة: استنفد الهجوم وقود المقاتلات اليابانية الزيرو وذخيرتها.
- بالصدفة، وفي نفس الوقت الذي لاحظ فيه اليابانيون ظهور السرب الثالث من قاذفات الطوربيد، كانت ثلاث أسراب أمريكية تقترب من الأسطول الياباني من جهة الشمال الشرقي والجنوب الغربي، الأسراب هي: السرب السادس والثالث من الطائرات الانقضاضية، والسادس من الطائرات الاسكشافية التي انطلقت من انتربرايز ويوركتاون. كان وقودها على وشك النفاد بسبب الوقت الطويل التي قضته في البحث عن الأسطول الياباني.
لكن قائد السرب سي. ويد مكلسكي جونيور قرر مواصلة البحث ولحسن حظه استطاع العثور على المدمرة اراشي. كانت المدمرة تبحر بأقصى سرعتها للحاق ببقية الحاملات اليابانية، بعد أن تخلفت لوحدها لتحاول بدون نجاح تدمير الغواصة الأمريكية نوتيلوس باستخدام قذائف الأعماق (الغواصة كانت حاولت مسبقا وبدون نجاح أيضا الهجوم على السفينة الحربية كيريشيما).
- قرار (مكلسكي) بالاستمرار في البحث رغم خطر نفاد الوقود "هو ما حسم مصير قوتنا الحاملة البحرية وقواتنا في ميدواي" حسب رأي الأدميرال (تشيستر نيميتز) وكانت القاذفات الانقضاضية الأمريكية وصلت ......و امتلئ سطح البارجات اليابانية بالمقاتلات المسلحة وخراطيم الوقود ملتفة بين الطائرات حيث تقام عملية اعادة التعبئة بسرعة، وكان تكرار تغيير الأسلحة والذخيرة يعني بأن هناك قنابل وطوربيدات متكدسة على سطح البارجة اليابانية بدلاً من حفظها في مخزن الذخائر مما جعل حاملات الطائرات اليابانية عرضة للتضرر بشكل أكبر في حالة هجوم العدو.
- كانت قاذفات الطوربيدات القادمة من اينتربرايز قد تقسمت وهاجمت هدفين. ابتداء من الساعة 10:22 نجح مكلاسكي وطياريه بضرب كاغا، بينما في الشمال تعرضت اكاغي للهجوم بعد اربعة دقائق من قبل ثلاثة قاذفات.
اما قاذفات يورك تاون، بقيادة ماكس ليزلي، هاجمت وبنجاح البارجة حاملة الطائرات سوريو. وفي نفس الوقت حاولت قاذفات أخرى مهاجمة هيريو والتي كانت تتوسط بارجتي كاغا واكاغي لكن لم تتكلل المحاولة بالنجاح.
ونجحت القاذفات الانقضاضية في اضرام النار على البارجتين سوريو وكاغا في غضون ستة دقائق. تم ضرب اكاغي بقنبلة واحدة فقط ، واخترقت السقف العلوي لمخبأ الطائرات وانفجرت وسط الطائرات المسلحة والممتلئة بالوقود. انفجرت قنبلة قريبة جداً من مؤخرة السفينة وكان الماء الساخن الناتج عن الانفجار قد ثنى سطح السفينة إلى الأعلى وتسبب بضرر جسيم لدفة السفينة. اصيبت بارجة سوريو بثلاث قنابل في مخبأ طائراتها اما كاغا فأصيبت على الأقل بأربعة قنابل ومن المحتمل انها خمسة. كل البارجات الثلاث فقدت القدرة على مواصلة القتال وفي النهاية تم هجرها والاسراع بها خارج المعترك..
يتبع الجزء الثالث
الدكتور